{وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أي وخلقنا في الأرض بين الجبال طرقا واسعة نافذة، يسلكها الناس بسهولة من مكان إلى آخر، أو من قطر أو إقليم إلى آخر، ليهتدوا بها إلى مقاصدهم ومصالحهم المعيشية في البلاد، وقيل: ليهتدوا إلى وحدانية الله تعالى بالاستدلال. والفج: الطريق الواسع، والسبيل: الطريق السالك. وقدمت الفجاج وهي صفة على السبل، ولم تؤخر، كما في قوله تعالى:{لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً}[نوح ٢٠/ ٧١] لتجعل حالا، والفرق من جهة المعنى أن قوله:{سُبُلاً فِجاجاً} إعلام بأنه جعل فيها طرقا واسعة، وأما قوله:{فِجاجاً سُبُلاً} فهو إعلام بأنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة، فهذه الآية بيان لما أبهم في الآية الأولى.
وقوله:{لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} معناه: لكي يهتدوا؛ إذ الشك لا يجوز على الله تعالى.
والضمير في قوله:{فِيها} عائد إلى الجبال، أي وجعلنا في الجبال التي هي رواسي فجاجا سبلا، أي طرقا واسعة، وقيل: إنه عائد إلى الأرض، أي وجعلنا في الأرض فجاجا وهي المسالك والطرق.
- جعل السماء سقفا للأرض:
{وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} أي وجعلنا السماء كالسقف على الأرض وكالقبة عليها، وذلك السقف محفوظ من الوقوع والاضطراب، ومن الشياطين التي تسترق السمع، كما قال تعالى:{وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلاّ بِإِذْنِهِ}[الحج ٦٥/ ٢٢] وقال: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ}[الروم ٢٥/ ٣٠] وقال: {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا}[فاطر ٤١/ ٣٥]. وحفظها من الشياطين إما بالملائكة وإما بالنجوم.