مقتصد في الكفر، منزجر بعض الانزجار، متجه إلى توحيد الله، ومنهم غدّار ناقض للعهد، كافر بأنعم الله، وما يكفر بآياتنا الكونية والقرآنية إلا كل كثير الغدر، كفور بما أنعم الله عليه.
١ - لا يجد المشركون بدا عند سؤالهم عن خالق السموات والأرض من الإجابة بأنه هو الله تعالى، فهم يعترفون بأن الله خالقهن، فلم يعبدون غيره؟! فالحمد لله على ما هدانا له من دينه، وليس الحمد لغيره، ولكن أكثر هؤلاء المشركين لا ينظرون ولا يتدبرون. هذا ما دلت عليه الآية الأولى، ودلت الآية الثانية التي تلتها على أن جميع ما في السموات، والأرض لله ملكا وخلقا، وأن الله هو الغني عن خلقه وعن عبادتهم، وإنما أمرهم بالعبادة لينفعهم، والله هو المحمود في صنعه.
٢ - دلت الآية الأخيرة:{وَإِذا غَشِيَهُمْ} على اعتراف آخر من المشركين بوجود الله ووحدانيته، فإنهم إذا تعرضوا لمخاطر الغرق بسبب اضطراب البحر، وارتفاع الأمواج، لم يجدوا بديلا غير الله للجوء إليه، فيدعونه موحدين له، لا يدعون لخلاصهم سواه، فإذا ما نجوا من البحر، ووصلوا إلى البر والأمان، فمنهم مؤمن متمسك بالتوحيد والطاعة، موفّ بما عاهد عليه الله في البحر، ومنهم كافر، وقد دل على المحذوف قوله تعالى:{وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاّ كُلُّ خَتّارٍ كَفُورٍ} أي لا ينكر دلائل الآيات على توحيد الله إلا كل غدّار مغرق في الكفر، جحود للنعم، لا يشكرها، بل يتناساها ولا يذكرها.