رسول الله ص بعظم حائل، ففتته بين يديه، وقال: يا محمد، يبعث الله هذا بعد ما أرمّ؟ فقال: نعم، يبعث الله هذا، ويميتك، ثم يحييك، ثم يدخلك نار جهنم، فنزلت هذه الآيات.
وعلى أي حال، يقول علماء أصول الفقه: إن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، كما في قوله تعالى:{قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها}[المجادلة ١/ ٥٨] نزلت في امرأة واحدة، وأراد الكل في الحكم، فكذلك كل إنسان ينكر الله أو الحشر، فهذه الآية ردّ عليه، فتكون الآية عامة.
المناسبة:
بعد بيان الأدلة الدّالة على قدرة الله عزّ وجلّ، ووجوب طاعته وعبادته، وبطلان الشرك به، ذكر تعالى شبهة منكري البعث، وأجاب عنها بأجوبة ثلاثة: هي أن الإعادة مثل البدء بل أهون، وقدرة الله على إيجاد النار من الشجر الأخضر، وخلق ما هو أعظم من الإنسان، وهو خلق السموات والأرض، وفي النهاية: فورية تكوين الأشياء بقول: {كُنْ فَيَكُونُ}.
التفسير والبيان:
{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ، فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} ألم يعلم كل إنسان أننا بدأنا خلقه من نطفة (مني) من ماء مهين، هي أضعف الأشياء، ثم جعلناه بشرا سويّا، ثم تراه يفاجئنا بأنه ناطق مجادل بيّن جريء في جدله، فقوله {خَصِيمٌ} ناطق، و {مُبِينٌ} إشارة إلى قوة عقله.
والمراد: أو لم يستدلّ من أنكر البعث بالبدء على الإعادة، فإن الله ابتدأ خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين، فخلقه من شيء ضعيف حقير، كما قال تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ، فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ، إِلى قَدَرٍ