{يَعِدُهُمْ} طول العمر {وَيُمَنِّيهِمْ} نيل الآمال في الدنيا وأن لا بعث ولا جزاء. {وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ} بذلك {إِلاّ غُرُوراً} باطلا. {مَحِيصاً} مهربا ومخلصا ومعدلا بذلك.
المناسبة:
الآية الأولى متصلة بما قبلها في قصة طعمة الذي ارتد، فإنه لو لم يرتد لم يكن محروما من رحمة الله، فإن كل ذنب قابل للمغفرة إلا ذنب الشرك. قال العلماء عن آية {وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ}[النساء ١١٥/ ٤] وعن آية: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ} هاتان الآيتان نزلتا بسبب ابن أبيرق السارق، لما حكم النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقطع، وهرب إلى مكة وارتد. قال سعيد بن جبير: لما صار إلى مكة نقب بيتا بمكة، فلحقه المشركون فقتلوه؛ فأنزل الله تعالى:{إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} إلى قوله: {فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً}.
وقال الضحاك: قدم نفر من قريش المدينة، وأسلموا ثم انقلبوا إلى مكة مرتدين، فنزلت هذه الآية:{وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ} والمشاقة: المعاداة.
والآية وإن نزلت في سارق الدرع أو غيره، فهي عامة في كل من خالف طريق المسلمين (١).
وأما الآيات التي بعدها فمناسبة لما قبلها، ففي هذه الآيات عقد الله تعالى مقارنة بين جريمة الشرك وخطرها، وأعمال الشيطان ولعنته وعقابه، والإيمان والعمل الصالح وجزائهما؛ لأن الشيطان يدعو إلى الشرك وعبادة الأوثان، وفي مواجهة ذلك صرح الإيمان الراسخ الذي لا يتأثر أهله بنزعات الشياطين في أصل الاعتقاد، وإن تأثروا أحيانا بها في بعض أعمال الشر، وهذا تحذير وترغيب.