للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من خصوصية الحرم أنه يعاقب البادي في الشر إذا كان عازما عليه، وإن لم يوقعه.

وروى ابن أبي حاتم عن يعلى بن أمية أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «احتكار الطعام بمكة إلحاد». وهذا بعض أمثلة الظلم، فإن هذا الإلحاد والظلم يجمع جميع المعاصي من الكفر إلى الصغائر، فلعظم حرمة المكان توعد الله تعالى على نية السيئة فيه، ومن نوى سيئة، ولم يعملها، لم يحاسب عليها إلا في مكة.

والخلاصة: أن الآية عامة تشمل كل أنواع المعصية، ويختص الحرم بعقوبة من همّ فيه بسيئة وإن لم يعملها، كما أن الله تعالى جعل الحرم مفتوحا ومنسكا لكل الناس، أي الذين يقع عليهم اسم الناس من غير فرق بين حاضر وباد، ومقيم وطارئ، ومكي وآفاقي.

فقه الحياة أو الأحكام:

دلت الآية على ما يأتي:

١ - حرية العبادة في الحرم المكي لجميع الناس، من أهل مكة وغيرهم، وهذا يومئ إلى أن من يمنع الناس من حج بيت الله الحرام، يكون من الذين كفروا؛ لأن الله تعالى ذكر فريضة الحج عقب هذه الآية.

٢ - كل من يرتكب معصية في مكة عدوانا وظلما، أو يعزم فيه على الشر، وإن لم يفعله، له يوم القيامة عذاب مؤلم شديد الألم أي فيعاقب الإنسان على ما ينويه من المعاصي بمكة، وإن لم يعمله.

قال الإمام أحمد: أتى عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير، فقال: يا ابن الزبير: إياك والإلحاد في حرم الله، فإني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت».

وقد استدل الحنفية بالآية على امتناع جواز بيع دور مكة وإجارتها، قائلين بأن المراد بالمسجد الحرام مكة، ومستدلين بما رواه ابن ماجه والدارقطني

<<  <  ج: ص:  >  >>