جهوري الصوت، وكان إذا كلّم إنسانا جهر بصوته، فربما كان يكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيتأذّى بصوته، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
نزول الآية (٣):
{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ}:
أخرج ابن جرير عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال: لما نزلت هذه الآية: {لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} قعد ثابت بن قيس في الطريق يبكي، فمرّ به عاصم بن عدي بن العجلان، فقال:
ما يبكيك؟ قال: هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت فيّ، وأنا صيّت رفيع الصوت، فرفع ذلك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فدعا به، فقال: أما ترضى أن تعيش حميدا، وتقتل شهيدا، وتدخل الجنة؟ قال: رضيت، ولا أرفع صوتي أبدا على صوت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله:{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ} الآية.
والقصة مروية أيضا في الصحيحين عن أنس بن مالك.
وقال ابن عباس: لما نزل قوله تعالى: {لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ} تألّى أبو بكر ألا يكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا كأخي السّرار (١)، فأنزل الله تعالى في أبي بكر:{إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ}.
نزول الآية (٤):
{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ.}.: أخرج الطبراني وأبو يعلى بسند حسن عن زيد بن أرقم قال: جاء ناس من العرب إلى حجر النبي صلّى الله عليه وسلّم، فجعلوا ينادون:
يا محمد، يا محمد، فأنزل الله:{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ} الآية.
(١) السرار: المسارّة، أي كصاحب السرار، أو كمثل المساررة لخفض صوته، والكاف صفة لمصدر محذوف.