المغفرة: تمام النعمة في الفتح، وهداية الصراط المستقيم، والنصر العزيز، فيتحقق لك عز الدارين وسعادة الدنيا والآخرة. والمغفرة تشمل جميع ما فرط منك قبل الرسالة وبعدها من الهفوات التي تعد خلاف الأولى بالنظر إلى مقامك العالي، وذاك بالنظر لمن سواك لا يسمى ذنبا، فهو من قبيل ما يسمى: حسنات الأبرار سيئات المقرّبين. وفي هذا تشريف عظيم للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو من خصائصه التي لا يشاركه فيها غيره.
أخرج الجماعة (أحمد والأئمة الستة إلا أبا داود) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يقول: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي حتى ترم قدماه، فقيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم:«أفلا أكون عبدا شكورا».
وأخرج أحمد ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا صلّى، قام حتى تتفطّر رجلاه، فقالت له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أتصنع هذا، وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم:
«يا عائشة، أفلا أكون عبدا شكورا».
{وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ، وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً، وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً} أي ولكي يتمم إنعامه عليك بإعلاء شأن الدين وانتشار الإسلام وفتوح البلاد شرقا وغربا ورفع شأنك في الدنيا والآخرة، وليرشدك إلى الطريق القويم بما يشرعه لك من الشرع العظيم، ويثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه، ولينصرك الله على أعدائك نصرا غالبا منيعا، لا يتبعه ذل، أو هو عزيز المنال فريد المثال.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستنبط من الآيات ما يلي:
١ - بشّر الله نبيه والمؤمنين بفتح عظيم مبين واضح، وهو في رأي الجمهور كما