لقوله صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه أحمد عن أبي ذر:«إذا عملت سيئة، فاعمل بجنبها حسنة تمحها»
وفي رواية أحمد والترمذي والحاكم والبيهقي عن أبي ذر:«وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن».
والثابت أن المعاملة الكريمة مع المسيء وغيره أفضل وأجدى وأوقع أثرا؛ لأنها تهوّن الأمر، وتستل الأحقاد، وتكون عاقبتها أسلم.
وبعد أن وصف الله المؤمنين العقلاء بتلك الصفات الحميدة، ذكر جزاءهم بقوله:{أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدّارِ} أي أولئك الموصوفون بما ذكر لهم العقبى الحسنة والسعادة في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فهو النصر على الأعداء، وأما في الآخرة فهو الجنة.
ثم أوضح هذه العقبى فقال:{جَنّاتُ عَدْنٍ.}. أي تلك العقبى هي الجنات التي يقيمون فيها إقامة دائمة.
يدخلونها هم والصالحون المؤمنون من أزواجهم وأصولهم وفروعهم، وهو دليل على أن سمو الدرجة يكون بالشفاعة، وأن التقييد بالصلاح يدل على أن مجرد الأنساب لا تنفع، فلا تفيد الأنساب شيئا إذا لم تقرن بالعمل الصالح، وكما قال تعالى:{فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ}[المؤمنون ١٠١/ ٢٣] وقال سبحانه: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلاّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[الشعراء ٨٨/ ٢٦ - ٨٩]
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة في مرض موته فيما رواه الترمذي:
«يا فاطمة بنت محمد، سليني من مالي ما شئت، لا أغني عنك من الله شيئا».