{ن، وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ، ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}{ن}: من الحروف المقطعة مثل: {ص}، {ق} التي يبدأ بها في بعض السور للتنبيه والتحدي. ومعنى الآية: أقسم بالقلم الذي يكتب به، وبما يكتبه الناس بالقلم من العلوم والمعارف، إنك يا محمد، لست بسبب النعمة أو بواسطة النعمة التي أنعم الله بها عليك وهي النبوة والإيمان والحصافة والخلق بالمجنون، كما يزعمون.
وهذا رد على افتراء وزعم أهل مكة أنه مجنون، فهو استبعاد ما كان ينسبه إليه كفار مكة عداوة وحسدا، وأنه ذو منزلة عالية ومكانة رفيعة من إنعام الله عليه بحصافة العقل وسائر الأخلاق الفاضلة المؤهلة للنبوة. فقوله:{ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} هو المقسم عليه.
والقسم بالقلم وما يكتب به إشارة إلى عظم النعمة بهما، وأنهما من أجلّ النعم على الإنسان بعد النطق والبيان، فهما طريق التثقيف وانتشار العلوم والمعارف بين الجماعات والأمم والأفراد، ودليل على ما تقدم الأمم والشعوب ونبوغها.
وروى ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال:«أول ما خلق الله القلم، قال: اكتب، قال: وماذا أكتب؟ قال: اكتب القدر، فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم خلق النون» أي الدواة.
وروى ابن عساكر عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن أول شيء خلقه الله القلم، ثم خلق النون وهو الدواة، ثم قال: اكتب ما هو كائن من عمل أو أثر أو رزق أو أجل، فكتب ما هو كائن وما كان إلى يوم القيامة، ثم ختم على القلم، فلم يتكلم إلى يوم القيامة».
وروى الطبراني مرفوعا عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن