ثم توعد الله تعالى الكاذبين عليه المفترين، ممن زعم أن له ولدا بأنهم لا يفلحون، مما يدل على أن هذا المذهب افتراء على الله ونسبة لما لا يليق به إليه:{قُلْ: إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ..}. أي قل لهم أيها الرسول: إن الذين يختلقون على الله الكذب بنسبة الشريك إليه، أو باتخاذ الولد، لا يفلحون ولا يفوزون أبدا، في الدنيا ولا في الآخرة. أما في الدنيا فيستدرجهم ويمتعهم قليلا، وأما في الآخرة فيضطرهم إلى عذاب غليظ شديد، كما قال تعالى:
{مَتاعٌ فِي الدُّنْيا} أي لهم تمتع في الدنيا قليل لمدة قصيرة {ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ} ثم بعد الموت يرجعون إلى ربهم بالبعث يوم القيامة، وما فيه من أهوال الحشر والحساب {ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ} أي ثم يلقون الشقاء المؤبد ويعذبون في نار جهنم العذاب الموجع المؤلم الغليظ أي الشديد، بسبب كفرهم وافترائهم وكذبهم على الله، فيما ادعوه من الإفك والزور.
وفي هذا دلالة واضحة على الخسارة المحققة للكافرين، فإن ما يتوهمون أنه نجاح في الدنيا بالحصول على المنافع المادية والمعنوية، لا قيمة له أصلا في مقابلة ما فاتهم في الآخرة من ثواب عظيم ونعيم مقيم في جنان الخلد، فإن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
فقه الحياة أو الأحكام:
تضمنت الآيات أمرين: الأول-بطلان القول بنسبة الولد لله تعالى بالأدلة القاهرة، وبانعدام الدليل على صحة هذا القول. والثاني-ظهور أن هذا المذهب افتراء على الله ونسبة لما لا يليق به إليه.