وقيل: أرأيت إن كان المنهي على الهدى أو أمر بالتقوى؟ وأو: للتقسيم. {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ} الناهي النبيّ؟ {وَتَوَلّى} عن الإيمان. {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى}؟ أي ألم يدر بأن الله يرى ويشاهد ما يصدر منه، فيجازيه عليه؟ أي أعجب منه يا مخاطب من حيث نهيه عن الصلاة، ومن حيث إن المنهي عن الهدى آمر بالتقوى، ومن حيث إن الناهي مكذب متول عن الإيمان؟! والخطاب في قوله:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى} للرسول صلّى الله عليه وسلّم على وجه التعجب.
وفيه أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يقول:«اللهم أعزّ الإسلام بعمر، أو بأبي جهل بن هشام» وكأنه تعالى قال له: يا محمد كنت تظن أنه يعزّ به الإسلام، وهو ينهى عن الصلاة التي هي أول أركان الإسلام. وكان يلقب بأبي الحكم، فقيل له: كيف يليق به هذا اللقب، وهو ينهى العبد عن خدمة ربه، ويأمره بعبادة الجماد؟! وجواب شرط:{إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى} محذوف تقديره: إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى، ألم يعلم بأن الله يرى، أي فإن الله مجازيه.
{كَلاّ} ردع للناهي. {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} عما هو فيه أو عليه من الكفر، واللام: لام القسم. {لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ} لنأخذن بناصيته، ولنسحبنه بها إلى النار. والسفع: الجذب بشدة، والناصية: شعر الجبهة، والمراد بذلك: القهر والإذلال بأنواع العذاب. {كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ} وصفها بالكذب والخطأ، والمراد صاحبها، بالإسناد المجازي للمبالغة. {نادِيَهُ} أي أهل ناديه، والنادي:
المجلس أو مكان اجتماع القوم للتحدث فيه، ولا يسمى ناديا حتى يكون فيه أهله.
{سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} ليجروه إلى النار، و {الزَّبانِيَةَ} الملائكة الغلاظ الشداد جمع زبنية وزبني، قال ابن عباس فيما ذكره أحمد:«لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عيانا». {كَلاّ} ردع للناهي أيضا. {لا تُطِعْهُ} يا محمد في ترك الصلاة، واثبت أنت على طاعتك. {وَاسْجُدْ} ودم على سجودك، وصل لله. {وَاقْتَرِبْ} تقرب إلى ربك بطاعته.
سبب النزول:
نزول الآية (٩):
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى}:
أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي، فجاءه أبو جهل، فنهاه، فأنزل الله:{أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلّى} إلى قوله: {كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ}.