بعد بيان شبهات المشركين حول القرآن والنبوة والبعث، ذكر الله تعالى قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم وما نزل بهم من عذاب بسبب تكذيبهم الرسل، ليعتبر هؤلاء المشركون، ويحذروا ما حلّ بمن سبقهم من الأمم الماضية من أليم العقاب، إذا بقوا على كفرهم وعنادهم، وذكر تعالى أربعة قصص هي ما يأتي:
القصة الأولى-قصة موسى وهارون عليهما السلام:
{وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً} بدأ تعالى بذكر موسى، فقال: وتالله لقد آتينا موسى التوراة، وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا له، أي نبيا مؤازرا ومعينا وناصرا. ونبوة هارون ثابتة في آية أخرى هي قوله تعالى:{وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا}[مريم ٥٣/ ١٩] لكنه وإن كان نبيا فالشريعة لموسى عليه السلام، وهو تابع له فيها، لذا أمر الاثنان بتبليغ رسالتهما في قوله تعالى:
{فَقُلْنَا: اِذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا، فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً} أي فقال الله تعالى آمرا موسى وهارون: اذهبا إلى فرعون وقومه لتبليغ الرسالة وهي إعلان الوحدانية والربوبية لله عز وجلّ، فلا إله غيره، ولا معبود سواه، فلما ذهبا كذبهما فرعون وجنوده، كما قال تعالى:{اِذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى، فَقُلْ: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى، وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى، فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى، فَكَذَّبَ وَعَصى}[النازعات ١٧/ ٧٩ - ٢١] وقال سبحانه: {اِذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي، وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي، اذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ، إِنَّهُ طَغى، فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى، قالا: رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى، قالَ:}