وأخرج ابن أبي حاتم أيضا عن قتادة قال: أنزلت {الم، أَحَسِبَ النّاسُ} في أناس من أهل مكة خرجوا، يريدون النبي صلّى الله عليه وسلم، فعرض لهم المشركون، فرجعوا، فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم، فخرجوا فقتل من قتل، وخلص من خلص، فنزل القرآن:{وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا، وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
وقال مقاتل: نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب، كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر، رماه عامر بن الحضرمي بسهم فقتله، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم يومئذ:«سيد الشهداء مهجع، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة» فجزع عليه أبواه وامرأته، فنزلت:{الم. أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا.}. الآية.
التفسير والبيان:
{الم} هذه الحروف المقطعة بدئ بها لتنبيه السامع وطلب إصغائه وإشعاره بإعجاز القرآن الدال على كونه كلام الله الحكيم الخبير.
وقد لاحظ الرازي (١) أن كل سورة في أوائلها حروف التهجي بدئت بذكر الكتاب أو التنزيل أو القرآن، كأوائل سورة البقرة {الم، ذلِكَ الْكِتابُ} وآل عمران {الم} ... {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ} والأعراف {المص، كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ} ويس {يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} وص {ص، وَالْقُرْآنِ} وق {ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}، والحواميم (غافر أو المؤمن، وفصلت أو السجدة، والشورى) إلا ثلاث سور: سورة مريم، والعنكبوت، والروم.
وقد حصل التنبيه في القرآن بغير حروف التهجي التي لا يفهم معناها، كقوله تعالى في أول سورة الحج:{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}