{كَمْ} خبرية اسم للعدد، منصوب بأهلكنا، لا بفعل {يَرَوْا} لأن الاستفهام وما يجري مجراه له صدر الكلام، فلا يعمل فيه ما قبله.
البلاغة:
{مِنْ قَرْنٍ} أي من أهل قرن، فهو مجاز مرسل من إطلاق المحل وإرادة الحال.
{ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب.
{وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً} عبّر عن المطر بالسماء من قبيل المجاز المرسل، وعلاقته السببية؛ لأن المطر ينزل من السماء.
المفردات اللغوية:
{وَما تَأْتِيهِمْ} أي أهل مكّة. {مِنْ} صلة زائدة لاستغراق الجنس. {آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ} هي الآيات القرآنية المرشدة إلى وجود الله ووحدانيته والمثبتة نبوّة محمد صلّى الله عليه وسلّم. {مُعْرِضِينَ} متولّين عنها، والإعراض: التولّي عن الشيء. {بِالْحَقِّ} القرآن أو دين الله الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم مشتملا على العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق. والحق في الأصل: الأمر الثابت المتحقّق في نفسه. {أَنْباءُ} أخبار، والمراد هنا عواقب استهزائهم، والأنباء: ما تضمّن القرآن من وعد بنصر الله لرسله، ووعيد لأعدائه بالهزيمة في الدّنيا والعذاب في الآخرة.
{أَلَمْ يَرَوْا} في رحلاتهم وأسفارهم إلى الشام واليمن وغيرهما. {مِنْ قَرْنٍ} أمّة من الأمم الماضية، والقرن من الناس: القوم الذين يعيشون في زمان واحد، ومدّته مائة سنة. وجمعه قرون، وقد جاء في القرآن مفردا وجمعا. {مَكَّنّاهُمْ} أعطيناهم مكانا بالقوة والسّعة، ومكّنه في الأرض أو في الشيء: جعله متمكّنا من التّصرّف فيه. ومكّن له: أعطاه أسباب العزّة والتّمكّن في الأرض مثل قوله تعالى: {وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ}[النور ٥٥/ ٢٤]، وقوله:{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً}[القصص ٥٧/ ٢٨]، {وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ} أي المطر النازل من السماء. {مِدْراراً} متتابعا غزيرا. {مِنْ تَحْتِهِمْ} تحت مساكنهم. {فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} بتكذيبهم الأنبياء.
{قَرْناً آخَرِينَ} أمّة أو جماعة آخرين.
المناسبة:
تكلّم الله تعالى في الآيات السابقة أوّلا عن التّوحيد، وثانيا في المعاد