للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - إن المقصود من آية السبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أمر باتباع الحق، وحذر الله الأمة من الاختلاف فيه، فيشدّد عليهم كما شدّد على اليهود.

[أسس الدعوة إلى الدين وجعل العقاب بالمثل والصبر على المصاب]

{اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١٢٥) وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ (١٢٦) وَاِصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)}

الإعراب:

{فِي ضَيْقٍ} قرئ بفتح الضاد وكسرها، والضّيق بالفتح: المصدر، والضّيق بالكسر:

الاسم.

المفردات اللغوية:

{اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ} ادع يا محمد الناس إلى دين الله {بِالْحِكْمَةِ} بالمقالة المحكمة وهو الدليل الموضح للحق المزيح للشبهة {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} المواعظ‍ والعبر النافعة والقول الرقيق. قال البيضاوي: والأولى-أي الحكمة-لدعوة خواص الأمة الطالبين للحقائق، والثانية-أي الموعظة- لدعوة عوامهم {وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} جادل معانديهم بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين وإيثار أيسر الوجوه وأقوم الأدلة وأشهر المقدمات، فإن ذلك أنفع في تسكين ثورتهم وتبيين شغبهم {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ.}. أي إنما عليك البلاغ والدعوة، وأما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما، فليس إليك، بل الله عالم بالضالين والمهتدين، وهو المجازي لهم.

{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} فيه دليل على أن للمقتص أن يماثل الجاني، وليس له أن يجاوزه، وفيه أيضا الحث على العفو تعريضا بقوله: {وَإِنْ عاقَبْتُمْ} وتصريحا على الوجه الآكد بقوله: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ} لهو، أي الصبر خير كله من الانتقام.

{وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللهِ} أي واصبر يا محمد وما صبرك إلا بتوفيق الله، وتثبيته، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>