{اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ} ادع يا محمد الناس إلى دين الله {بِالْحِكْمَةِ} بالمقالة المحكمة وهو الدليل الموضح للحق المزيح للشبهة {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} المواعظ والعبر النافعة والقول الرقيق. قال البيضاوي: والأولى-أي الحكمة-لدعوة خواص الأمة الطالبين للحقائق، والثانية-أي الموعظة- لدعوة عوامهم {وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} جادل معانديهم بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين وإيثار أيسر الوجوه وأقوم الأدلة وأشهر المقدمات، فإن ذلك أنفع في تسكين ثورتهم وتبيين شغبهم {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ.}. أي إنما عليك البلاغ والدعوة، وأما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما، فليس إليك، بل الله عالم بالضالين والمهتدين، وهو المجازي لهم.
{وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} فيه دليل على أن للمقتص أن يماثل الجاني، وليس له أن يجاوزه، وفيه أيضا الحث على العفو تعريضا بقوله:{وَإِنْ عاقَبْتُمْ} وتصريحا على الوجه الآكد بقوله: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصّابِرِينَ} لهو، أي الصبر خير كله من الانتقام.
{وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللهِ} أي واصبر يا محمد وما صبرك إلا بتوفيق الله، وتثبيته، وهذا