ولم ينص القرآن الكريم على حجم السفينة، وإنما أشير إليها بأنها {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}[يس ٤١/ ٣٦] وبأنها {ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ}[القمر ١٣/ ٥٤] أي مسامير، وبأن صناعتها بوحي من الله وإلهام:{وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا}[هود ٣٧/ ١١].
التفسير والبيان:
أقسم الله تعالى لأهل مكة وغيرهم بأنه أرسل نوحا إلى قومه لإنذارهم، ودعوتهم إلى توحيد الله، وعبادته دون سواه، فقال لهم:{يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ} أي توجهوا بعبادتكم إلى الله وحده لا شريك له، إذ ليس لكم إله غير الله، تتوجهون إليه بالعبادة والدعاء وطلب الخير، فالله هو خالق كل شيء، وبيده ملكوت السموات والأرض، وهو الإله الحق القائم على هذا الكون، وهو المستحق للعبادة والتقديس والتعظيم.
{إِنِّي أَخافُ..}. إني أخاف عليكم بسبب الشرك عذاب يوم عظيم من عذاب يوم القيامة إذا لقيتم الله، وأنتم تشركون به. فاليوم العظيم: هو يوم القيامة، أو يوم نزول العذاب عليهم، وهو الطوفان.
وموقع الجملتين بعد قوله:{اُعْبُدُوا اللهَ}: أن الأولى: بيان لوجه اختصاصه بالعبادة، والثانية: بيان للداعي إلى عبادته.
قال الملأ من قومه أي أشراف القوم والسادة والقادة: إنا لنراك في دعوتك إيانا إلى ترك عبادة الأصنام لفي غمرة من الضلال أحاطت بك، وهكذا حال الفجار يرون الأبرار في ضلالة، وهم أعداء دائما للهداة، كقوله تعالى:{وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا: إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ}[المطففين ٣٢/ ٨٣] وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ