فقوله تعالى {سَوِيًّا} صحيح الخلق سوي من غير مرض ولا علة، وقيل: متتابعات، والقول الأول عن الجمهور أصح.
وهذا دليل على أنه لم يكن يكلّم الناس في هذه الليالي الثلاث وأيامها إلا رمزا أي إشارة، ولهذا قال تعالى هنا:
{فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ، فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} أي فخرج زكريا على قومه من المحراب وهو مصلاه الذي بشر فيه بالولد (وهو المسمى عند أهل الكتاب بالمذبح: وهو مقصورة في مقدّم المعبد يصعد إليها بدرج بحيث يصبح المتعبد فيها محجوبا عمن في المعبد) وقد كان الناس ينتظرونه للصلاة في الغداة والعشي، فأشار إليهم إشارة خفية سريعة، ولم يستطع أن يكلّمهم بذلك، أن يقولوا: سبحان الله (أي تنزيها لله عن الشريك والولد وعن كل نقص) في الصباح والمساء في صلاتي الفجر والعصر، شكرا لله على ما أولاه، وقد كان أخبرهم بما بشّر به قبل ذلك.
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات ما يأتي:
١ - إن الله تعالى قص على نبيه قصة زكريا وما بشر به من الولد، في سن الكبر والشيخوخة وحال عقم امرأته منذ بداية عمرها، ليكون ذلك آية على قدرة الله العجيبة التي تستدعي الإيمان به إيمانا مطلقا.
٢ - الجهر والإخفاء في الدعاء عند الله سيان؛ لقوله تعالى:{اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً، إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[الأعراف ٥٥/ ٧]، ولكن زكريا