{أَنْشَأَ} خلق {السَّمْعَ} الأسماع {الْأَفْئِدَةَ} لتتفكروا فيها وتستدلوا بها، وتحققوا منافع أخرى دينية ودنيوية {قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} تشكرونها شكرا قليلا؛ لأن الشكر الحقيقي استعمال الحواس فيما خلقت لأجله، والإذعان لمانحها من غير إشراك، و {ما} لتأكيد القلة {ذَرَأَكُمْ} خلقكم وبثكم {تُحْشَرُونَ} تبعثون وتجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم {يُحْيِي} ينفخ الروح {وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} تعاقبهما بالسواد والبياض، والزيادة والنقصان، وذلك مختص بالله تعالى لا يقدر عليه غيره، كما يقال: يختلف إلى فلان، أي يتردد عليه، {أَفَلا تَعْقِلُونَ} صنعه تعالى بالنظر والتأمل أن كل شيء منا، وأن قدرتنا تعم كل الممكنات وأن البعث من جملتها، فتعتبروا. وقرئ بالياء (يعقلون) على أن الخطاب السابق لتغليب المؤمنين.
المناسبة:
بعد أن بيّن الله تعالى إعراض المشركين عن تدبر القرآن وفهم أدلة وجود الله ووحدانيته وقدرته، أعقبه ببيان أوجه النعم العظمى على عباده، ليسترشدوا بها على وجود الله وقدرته. وتلك النعم هي الأسماع والأبصار والأفئدة وهي العقول والأفهام التي يذكرون بها الأشياء، ويعتبرون بما في الكون من الآيات الدالة على وحدانية الله، وأنه الفاعل المختار لما يشاء.
التفسير والبيان:
امتن الله تعالى على عباده بنعم عظيمة دالة على قدرته وحكمته وعلمه وهي أربعة:
١ - {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ} أي والله الذي خلق