يحرص القرآن الكريم على بروز الشخصية الذاتية للمسلمين، وعلى تعهدهم بالرعاية والعناية، وإيجاد الموقف المتميز لهم أمام خصوم الدعوة الإسلامية، لذا حذرهم ونهاهم من أن يقولوا مثل قول المنافقين الذين قالوا لإخوانهم في النفاق أو في النسب في السرايا التي بعثها النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى بئر معونة.
فالحياة والموت بيد الله، والله واسع العلم نافذ البصر بأعمال الناس وخفاياهم، فمن الخطأ القول بأن الشخص لو كان في منزله أو بلده ما مات ولا قتل؛ لأن القعود عن الجهاد لا يحفظ الحياة، وكذا التعرض لقتال الأعداء لا يسلب الحياة ولا يعجل بالموت.
لا تكونوا مثلهم، ليجعل الله ذلك القول حسرة في قلوبهم؛ لأنه ظهر نفاقهم. والله يقدر أن يحيي من يخرج إلى القتال، ويميت من أقام في أهله، فذلك تهديد للمؤمنين حتى لا يتشبهوا بالكفار في أقوالهم وأفعالهم.
ثم أخبر الله تعالى أن القتل في سبيل الله والموت فيه خير من جميع الدنيا، ثم وعظ المؤمنين بقوله:{لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ} أي لا تفرّوا من القتال ومما أمركم به، بل فرّوا من عقابه وأليم عذابه، فإن مردّكم إليه، لا يملك لكم أحد ضرّا ولا نفعا غيره.
والخلاصة: إن الآيات تضمنت تحذيرا أو تهديدا للمؤمنين، ووعدا، وحثا على العمل والجهاد. أما التحذير فهو من مشابهة الكافرين بأقوالهم وأفعالهم، وأما الوعد فهو أن ما ينتظره المؤمن المقاتل في سبيل الله من مغفرة الذنوب ورحمة الله التي ترفع الدرجة خير له من الدنيا وما فيها من لذات وشهوات.
وأما الحث على العمل في سبيل الله وبث روح التضحية والجهاد فهو مفهوم