قصته مع قومه، حيث دعاهم للإيمان، فآمن به بعضهم، وأعرض الآخرون، وما لقيه منهم من إيذاء وعزم على قتله، وإنجائه منهم برفعه إليه، وإنذار الكافرين بالعذاب الشديد، ومجازاة المؤمنين الذين عملوا الصالحات. وفي ذلك تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم وبيان أن الأدلة وحدها لا تؤدي إلى الإيمان، وإنما لا بد من هداية الله وتوفيقه.
التفسير والبيان:
لما شعر عيسى من قومه بني إسرائيل بالتصميم على الكفر، والاستمرار على الضلال، وتحقق من ذلك، أراد التعرف صراحة عن المؤمنين بدعوته، فقال:
من يتبعني إلى الله، ومن ينصرني ملتجئا إلى الله؟ والظاهر أنه يريد: من أنصاري في الدعوة إلى الله،
كما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول في مراسم الحج قبل أن يهاجر:«من رجل يؤويني حتى أبلّغ كلام ربي، فإن قريشا قد منعوني أن أبلّغ كلام ربي؟» فوجد الأنصار، فآووه ونصروه وهاجر إليهم، فواسوه ومنعوه من الأعداء.
وهكذا عيسى انتدب طائفة من بني إسرائيل لنصرته، فآمنوا به وآزروه ونصروه، كما جاء في آية أخرى: «{كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ؟}[الصف ١٤/ ٦١].
قال الحواريون أي الأنصار: نحن أنصار دين الله وجنوده المخلصون المؤيدون دعوتك، آمنا بوجود الله وبوحدانيته إيمانا صادقا، واشهد بأنا مسلمون، أي خاضعون منقادون لأوامره، وجوهر الإسلام متفق عليه بين كل الأديان.
ثم تضرعوا إلى الله قائلين: ربنا آمنا وصدقنا بما أنزلت في كتابك واتبعنا الرسول عيسى ابن مريم، فاكتبنا مع الشاهدين الذين يشهدون لأنبيائك