القرآن ثقيل شديد بما اشتمل عليه من تكاليف شاقة على النفس، وفرائض وحدود صعبة على الإنسان. والوحي أيضا ذو تأثير كبير على القلب والنفس، كما جاء في خبر عائشة رضي الله عنها المتقدم، وأخرج أحمد وابن جرير وغيرهما عن عائشة أيضا:«أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا أوحي إليه، وهو على ناقته، وضعت جرانها-يعني صدرها-على الأرض، فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرّى عنه» أي الوحي.
٤ - ناشئة الليل:
إن أوقات الليل وساعاته أو العبادة الناشئة في الليل، أو النفس الناشئة في الليل الناقضة من مضاجعها للعبادة أشد وطأ، أي أشد موافقة بين السر والعلانية أو القلب واللسان، وأكثر مصادفة للخشوع والإخلاص وأسدّ مقالا وأثبت قراءة، بسبب سكون الليل، وراحة النفس من الضوضاء والعناء، والبعد عن الرياء والمباهاة، أو حبّ اطلاع الآخرين على الطاعة والعبادة، وشدة الاستقامة والاستمرار على الصواب؛ لأن الأصوات هادئة، والدنيا ساكنة، فلا يضطرب على المصلّي ما يقرؤه.
٥ - مشاغل النهار:
الإنسان مشغول عادة بحاجاته ومصالحه المعيشية في النهار، فلا يتفرغ عادة للعبادة، وإنما الفراغ موجود في الليل.
٦ - ذكر الله والتبتل:
المؤمن مأمور بالاستكثار من ذكر الله وأسمائه الحسنى، وبالمداومة على التسبيح والتحميد والتهليل وقراءة القرآن، دون أن يشغله شاغل في الليل والنهار، وهو مطالب أيضا بأن يجعل همه كله في إرضاء ربه، وتجريد نفسه عن التعلق بغيره، والاستغراق في مراقبته في جميع أعماله.
ويكون أشرف الأعمال عند قيام الليل: ذكر اسم الرب، والتبتل إليه، وهو الانقطاع إلى الله بالكلية.