{بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ} أسلوب تهكمي، لاستعمال لفظ البشارة مكان الإنذار تهكما.
{أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ} استفهام إنكاري، قصد منه التقريع والتوبيخ.
المفردات اللغوية:
{بَشِّرِ} يا محمد أي أنذر، واستعمل البشارة مكان الإنذار تهكما {عَذاباً أَلِيماً} مؤلما هو عذاب النار {أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} أولياء جمع ولي: وهو الناصر والمعين، واتخذوهم أولياء لما يتوهمون فيهم من القوة.
{أَيَبْتَغُونَ} يطلبون، أي لا يجدونها عندهم. {فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً} في الدنيا والآخرة ولا ينالها إلا أولياؤه {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ} القرآن {آياتِ اللهِ} القرآن {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} أي مع الكافرين والمستهزئين. {حَتّى يَخُوضُوا} يتحدثوا بحديث آخر.
{يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} ينتظرون بكم الدوائر، أي ينتظرون وقوع أمر بكم. {فَتْحٌ} ظفر وغنيمة {أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ} في الدين والجهاد، فأعطونا من الغنيمة {وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ} نصيب من الظفر عليكم {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} نستول عليكم ونقدر على أخذكم وقتلكم، فأبقينا عليكم، والمراد: ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم، فأبقينا عليكم. {وَنَمْنَعْكُمْ} وأ لم نمنعكم من المؤمنين أن يظفروا بكم بتخذيلهم ومراسلتكم بأخبارهم، فلنا عليكم المنّة.
{فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} وبينهم {يَوْمَ الْقِيامَةِ} بأن يدخلكم الجنة، ويدخلهم النار. {وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} طريقا بالاستئصال في الدنيا، قال ابن كثير: وذلك بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس، فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة (١)، كما قال تعالى:{إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا}[غافر ٥١/ ٤٠].
المناسبة:
لما أمر الله في الآية السابقة بالإيمان بالله والرسول والكتب المنزلة، ناسب أن يذكر صنفين خارجين عن الإيمان: الصنف الأول-وهم الذين آمنوا في الظاهر نفاقا ثم عادوا إلى الكفر وماتوا على ضلالهم، فلا توبة لهم بعد الموت ولا يغفر الله