وجه الأرض تأكله السباع والطير، ثم إذا شاء الله إنشاره أحياه بعد موته، أو بعثه بعد موته، في الوقت الذي يريده الله تعالى. ومنه يقال: البعث والنشور.
والإماتة ستر للعيوب بعد الهرم أو المرض، والإقبار تكرمة حيث لم يلق للطير والسباع، والإنشار أي البعث عدل وفضل. ثم لامه على تقصيره، وأكد كفره بالنعم، فقال:
{كَلاّ لَمّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ} أي هذا ردع وزجر للإنسان عما هو عليه، فلم يخل إنسان من تقصير قط، فبعض الناس أخل بالكفر، وبعضهم بالعصيان، وبعضهم بارتكاب خلاف الأولى والأفضل لما يليق بمنزلته، وما قضى ما أمره الله إلا القليل. والآية تدل على العجب من حال الإنسان، فإنه قد ينكر خالقه بعد قيام الأدلة على وجوده في نفسه وفي السموات والأرض، وقد يجحد نعمة ربه، فلا يقابلها بالحمد والشكر وعرفان الجميل، وينسبها إلى نفسه، وقد يعصي الله بالرغم من وجود أدلة الهداية والرشد، وإدراكه مخاطر العصيان.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١ - القرآن الكريم كتاب تذكرة وموعظة وتبصرة للناس جميعا، فمن أراد اتعظ بالقرآن وانتفع به وعمل بموجبه. وهذا دليل على حرية الاختيار.
٢ - القرآن كتاب جليل عند الله، فهو مثبت مودع في صحف مكرمة عند الله، لما فيها من العلم والحكمة، رفيعة القدر عند الله، مطهرة من كل دنس، مصانة عن أن ينالها الكفار، محمولة بأيدي ملائكة جعلهم الله سفراء بينه وبين رسله، وهم كرام على ربهم، كرام عن المعاصي، يرفعون أنفسهم عنها، مطيعون