الْبَعْثِ} أي فردّ المؤمنون العالمون بالآخرون على منكري البعث القائلين الحالفين بأنهم لم يلبثوا غير ساعة: لقد لبثتم في علم الله وقضائه مدة طويلة في الدنيا من يوم خلقتم إلى أن بعثتم.
وفي هذا إشارة إلى أن المؤمن العالم يستكثر مدة المكث في الدنيا؛ لأنه متطلع مشتاق إلى نعيم الجنة وخلودها، وهو يعلم أن مصيره إلى الجنة، فيستكثر المدة، ولا يريد التأخير.
{فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ، وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} أي إن كنتم منكرين للبعث فهذا يومه الواقع الذي لا سبيل لإنكاره، وبه يتبين بطلان إنكاركم إياه، غير أنكم تجهلون أنه حق واقع، لتفريطكم في النظر وغفلتكم عن أدلة ثبوته.
{فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ، وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} أي ففي يوم القيامة لا ينفع هؤلاء الظالمين الكافرين عذرهم أو اعتذارهم عما فعلوا، ولا تقبل منهم توبتهم؛ لأن وقت التوبة في دار الدنيا، وهي دار العمل، أما الآخرة فهي دار الجزاء، لا وقت العمل.
وقوله:{وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} معناه أنه لا يطلب منهم الإعتاب، وهو إزالة العتب بالتوبة والطاعة التي تزيل آثار الجريمة؛ لأنها لا تقبل منهم، ولا يعاتبون على ذنوبهم، وإنما يعاقبون عليها، كما قال تعالى:{وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ}[فصلت ٢٤/ ٤١] فليست حالهم حال من يستعتب ويرجع عما هو عليه.