{تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} أي تتمنون الشهادة في سبيل الله. {تَلْقَوْهُ} تشاهدوا أهواله وتروا مخاطره. {رَأَيْتُمُوهُ} رأيتم أسباب الموت من لقاء الشجعان ومصاولة الفرسان. {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} تتأملون وتبصرون الحال كيف هي، فلم انهزمتم. ونزل في هزيمتهم لما أشيع أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قتل، وقال لهم المنافقون: إن كان قتل فارجعوا إلى دينكم.
{اِنْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} أصل معناه: رجعتم إلى الوراء، والمراد هنا رجعتم كفارا بعد إيمانكم.
وهذه الجملة استفهام إنكاري، أي ما كان محمد معبودا فترجعوا إلى الكفر.
{إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ} بقضائه. {كِتاباً} مصدر أي كتب الله ذلك. {مُؤَجَّلاً} ذا أجل مؤقت لا يتقدم ولا يتأخر، والأجل: المدّة المضروبة للشيء.
{وَكَأَيِّنْ} كلمة بمعنى كم، تفيد كثرة ما دخلت عليه. {رِبِّيُّونَ} جماعات كثيرة، واحدهم ربّي: وهو الجماعة. {فَما وَهَنُوا}{وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا} وهنوا: ضعفوا وجبنوا، والوهن: ضعف يصيب القلب، والضعف: اختلال قوة الجسم، والاستكانة: الاستسلام والخضوع للعدو ليفعل ما يريد.
{وَاللهُ يُحِبُّ الصّابِرِينَ} يثيبهم، والصبر: احتمال الشدائد وتحمل المكاره. {وَإِسْرافَنا} الإسراف: تجاوز الحدّ في كلّ شيء، كما قال تعالى:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا}[الأعراف ٣١/ ٧].
{وَثَبِّتْ أَقْدامَنا} بتقوية قلوبنا على الجهاد وإزالة الوساوس من صدورنا.
سبب النزول:
نزول الآية (١٤٣):
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس: أنّ رجالا من الصحابة، كانوا يقولون: ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر، أو ليت لنا يوما كيوم بدر، نقاتل فيه المشركين، ونبلي فيه خيرا، أو نلتمس الشهادة والجنة، أو الحياة والرزق، فأشهدهم الله أحدا، فلم يلبثوا إلا من شاء منهم، فأنزل الله:{وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} الآية.