بنفقاتهم فائدة، ولن ترد عنهم عذابا، وذلك بعد أن ذكر في الآيات السابقة أحوال الكافرين وعقابهم، قال مقاتل: لما ذكر تعالى مؤمني أهل الكتاب ذكر كفارهم، وهو قوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
التفسير والبيان:
أخبر الله تعالى عن مصير أعمال الكافرين يوم القيامة، وهم اليهود والمنافقون والمشركون جميعا، فهم بافتخارهم بأموالهم، وإنفاقهم لها فيما يكيد النبي صلّى الله عليه وسلّم ويعاديه في هذه الحياة الدنيا، لن تجزي عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب الله شيئا إذا أراده بهم، وخص الأموال والأولاد بالذكر؛ لأن الإنسان يدفع عن نفسه تارة بفداء المال، وتارة بالاستعانة بالأولاد؛ لأنهم أقرب أنسابهم إليهم.
وأكد تعالى هذه المعنى في آيات كثيرة منها:{وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}[البقرة ٤٨/ ٢] ومنها {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ}[الشعراء ٨٨/ ٢٦] ومنها {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً، وَلَوِ افْتَدى بِهِ}[آل عمران ٩١/ ٣] ومنها: {وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى}[سبأ ٣٧/ ٣٤].
وأولئك هم الملازمون للنار لا ينفكون عنها، وهم دائمون فيها بسبب كفرهم وفساد عقيدتهم.
وكما أن أموالهم لا تغني عنهم شيئا، كذلك لا تجديهم أموالهم التي أنفقوها في أغراض الدنيا ولذاتها، أو للرياء والسمعة والمفاخرة، وكسب الثناء والشهرة؛ لأنها لغير وجه الله، وقد يكون منها للصد عن سبيل الله وعن اتباع النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وعداوته ومقاومته.
وما مثل أو صفة تلك الأموال التي أنفقوها في غير مرضاة الله، إلا كمثل