حين يستمعون إليك هزءا وسخرية وتكذيبا، وأعرف بما يتناجى به رؤساء كفار قريش، ويتسارّون، حين جاؤوا يستمعون قراءتك سرّا قائلين: إنك رجل مسحور، أو مجنون، أو كاهن، لذا قال تعالى:
{اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ.}. أي تأمل يا محمد كيف مثّلوا لك الأمثال، وأعطوك الأشباه، فقالوا: هو مسحور، وهو شاعر مجنون، فحادوا عن سواء السّبيل، ولم يهتدوا إلى الحقّ لضلالهم، ولم يجدوا إليه مخلصا يتخلّصون من متاهة ما هم فيه من الضّياع. وهذا وعيد لهم وإيناس لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١ - الثّابت الذي دلّ عليه القرآن والسّيرة أن الله تعالى حجب رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن أبصار كفار قريش عند قراءة القرآن، فكانوا يمرّون به ولا يرونه.
٢ - حجب الله القرآن عن أبصار المشركين وعقولهم وأفهامهم، وجعل على قلوبهم أغطية لئلا يفقهوه أو كراهية أن يفقهوه، أي أن يفهموا ما فيه من الأوامر والنّواهي، والحكم والمعاني، وجعل أيضا في آذانهم وقرا أي صمما وثقلا أن يسمعوه، وإذا ذكر النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ربه عند تلاوة القرآن فقال: لا إله إلا الله وحده، ولّى المشركون نافرين نفورا من سماع كلمة الحقّ والتّوحيد.
٣ - الله تعالى أعلم بالنّحو الذي يستمع فيه المشركون إلى القرآن حين يقول الظالمون منهم كأبي جهل والوليد بن المغيرة وأمثالهما للناس لتنفيرهم عن النّبي:
ما تتبعون إلا رجلا مسحورا، قد خبله السّحر، فاختلط عليه أمره، يقولون بينهم متناجين: هو ساحر وهو مسحور، بعد أن قرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى التّوحيد،
وقال:«قولوا: لا إله إلا الله لتطيعكم العرب، وتدين لكم العجم» فأبوا.