{إِنّا نَحْنُ} نحن تأكيد لاسم إن {نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً} أي نزلناه مفرّقا مفصّلا منجّما لحكمة اقتضته، ولم ننزله جملة واحدة. {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} داوم على حكم ربّك عليك بتبليغ رسالته. {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ} أي الكفار. {آثِماً أَوْ كَفُوراً} الآثم: الفاجر المجاهر بالمعاصي، والكفور: شديد التعصب للكفر المغالي فيه وهو المشرك المجاهر بكفره. قال المفسرون: وهما حينئذ عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة، قالا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بالمال والتزويج. ثم صار المراد كل آثم وكافر، لا تطع أيا كان فيما دعاك إليه من إثم أو كفر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
{وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ} داوم على ذكره. {بُكْرَةً وَأَصِيلاً} أول النهار وآخره، فيشمل صلوات الفجر، والظهر، والعصر. {وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ} أي في بعض الليل صلّ لله، ويشمل صلاتي المغرب والعشاء، وتقديم الظرف لما في صلاة الليل من مزيد الكلفة والخلوص لله. {وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً} أي وتهجد له طائفة طويلة من الليل، وهي صلاة التطوع.
{الْعاجِلَةَ} الدنيا. {وَراءَهُمْ} أمامهم. {يَوْماً ثَقِيلاً} شديدا، أي يوم القيامة، مستعار من الثقل المتعب للحامل، وهو كالتعليل لما أمر به ونهى عنه. {وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ} أحكمنا وقوينا أعضاءهم ومفاصلهم وكذلك ربطها بالأعصاب والعروق، وفي اللغة: الأسر: شدة الخلق والخلق. {وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً} أي وإذا أردنا أهلكناهم، وبدّلنا أمثالهم في الخلقة وشدة الأعضاء.
{إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ} إن هذه السورة أو الآيات القريبة موعظة وعبرة للناس. {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً} طريقا يتقرب إليه بالطاعة. {وَما تَشاؤُنَ} اتّخاذ السبيل بالطاعة.
{إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ} أي إلا وقت مشيئة الله. {عَلِيماً} بخلقه وبما يستأهل كل أحد.
{حَكِيماً} في فعله، لا يشاء إلا ما تقتضيه حكمته. {يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ} أي يدخل من يريد وهم المؤمنون في جنته، بعد الهداية والتوفيق للطاعة. {وَالظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ} أي عذّب أو كافا الظالمين وهم الكافرون. {عَذاباً أَلِيماً} مؤلما.
سبب النزول:
نزول الآية (٢٤):
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة أنه بلغه أن أبا جهل