فهو النافي للقتل حقيقة. والآية القرآنية جعلت سبب الحياة للجماعة القصاص، لأنه قائم على التماثل والعدل والمساواة. والعقاب في محله عدل محض، أما الكلمة العربية في الجاهلية فجعلت سبب الحياة القتل مع أن القتل لا يستلزم الحياة، ثم إن هذه الكلمة فيها تكرار لفظ القتل، والآية خالية من التكرار اللفظي.
ويمكن تصحيح العبارة العربية بأن يقال: القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما.
والخلاصة: أن الآية أخص، وأن ظاهر العبارة محال: وهو أن القتل سبب في نفي القتل، أما القصاص فهو سبب الحياة، وأن القتل ظلما قتل وليس نافيا للقتل بل هو أدعى للقتل.
فقه الحياة أو الأحكام:
امتازت الشريعة الإسلامية بأنها جمعت بسبب جريمة القتل بين تشريع القصاص الذي كان في بني إسرائيل، وبين تشريع الدية الذي كان في النصارى، وأصبح الخيار مقررا بين القصاص والدية والعفو مطلقا عن أي شيء. بل إن الإسلام حض على العفو في آيات كثيرة. منها:{وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى}[البقرة ٢٣٧/ ٢] ومنها: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ، إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً}[الإسراء ٣٣/ ١٧] وكذلك هذه الآية: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}[البقرة ١٧٨/ ٢] ذكّرت المؤمنين بالأخوة التي تدعوهم إلى العفو، وبددت من أنفسهم عوامل الغيظ والحقد، فيعطف الأخ على أخيه، ويتسامى عن أحقاده، فيصفح ويسمح عنه.
أما إن أراد ولي الدم القصاص، فعلى القاتل الاستسلام لأمر الله والانقياد لقصاصه المشروع، وهذا فرض عليه، كما أنه فرض على الولي الوقوف عند قتل القاتل، وترك التعدي على غيره، كما كانت العرب تتعدى فتقتل غير القاتل، وهو معنى
قوله عليه الصلاة والسّلام «إن من أعتى الناس على الله يوم القيامة