للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو غنيّ عنهم وقادر على إغنائهم، ولكن ليحمل العباد على أعمال الخير والبرّ.

التفسير والبيان:

يخبر الله تعالى أنه مالك السموات والأرض وأنه الحاكم فيهما، وأن جميع ما فيهما لله ملكا وخلقا وإيجادا وتصريفا وعبيدا، له الحكم المطلق.

ولقد أمرنا من قبلكم من اليهود والنصارى وغيرهم بما أمرناكم، ووصيناهم بما وصيناكم به من تقوى الله عزّ وجلّ بعبادته وحده لا شريك له، وإقامة سننه وشريعته.

وإن تكفروا نعم الله وإحسانه، فإن الله مالك الملك لا يضرّه كفركم وعصيانكم، كما لا ينفعه شكركم وتقواكم، وقد أوصى بهما لرحمته، لا لحاجته.

وقوله: {وَإِنْ تَكْفُرُوا} عطف على {اِتَّقُوا} لأن المعنى أمرناهم وأمرناكم بالتقوى، وقلنا لهم ولكم: إن تكفروا فإن لله الملك، والمعنى-كما قال الزمخشري (١) -: إن لله الخلق كله، وهو خالقهم ومالكهم، والمنعم عليهم بأصناف النعم كلها، فحقّه أن يكون مطاعا في خلقه غير معصيّ، يتّقون عقابه، ويرجون ثوابه، ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من الأمم السالفة ووصيناكم أن اتّقوا الله، يعني أنها وصية قديمة ما زال يوصي الله بها عباده، لستم بها مخصوصين؛ لأنهم بالتقوى يسعدون عنده، وبها ينالون النجاة في العاقبة، وقلنا لهم ولكم:

وإن تكفروا فإن لله في سمواته وأرضه من الملائكة والثقلين من يوحّده ويعبده ويتّقيه.

وكان الله بذاته غنيّا عن خلقه وعن كل شيء وعن عبادتهم جميعا، مستحقّا لأن يحمد بذاته وكمال صفاته لكثرة نعمه، وإن لم يحمده أحد منهم، قال الله


(١) الكشاف: ٤٢٨/ ١ - ٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>