الآية، لسبق علم الله بعدم إيمانهم، فأنا أعلم أنها إذا جاءت لا يؤمنون بها، وأنتم لا تدرون بذلك.
{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ.}. أي وما يشعركم أنا نحوّل قلوبهم عن إدراك الحق والإيمان وأبصارهم عن إبصاره، ونحول بينهم وبينه، فلا يدركونه، ولو جاءتهم كل آية. فلا يؤمنون، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة حين أتتهم الآيات التي عجزوا عن معارضتها مثل القرآن وغيره؛ لتمام إعراضهم عن إدراك الحقائق، كما قال تعالى:{وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ، فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ، لَقالُوا:}
والحقيقة أن من لم يقنعه ما ورد في القرآن من الأدلة العقلية والبراهين العلمية، لا تقنعه الآيات الحسية التي يشاهدها.
وما يشعركم أيضا أنا نذرهم في طغيانهم، أي نخليهم وشأنهم، لا نكفهم عن الطغيان أي تجاوز الحد، ونتركهم يترددون في طغيانهم متحيرين فيما سمعوا ورأوا من الآيات، أهو الحق المبين أم السحر الخادع؟
فقه الحياة أو الأحكام:
المؤمنون منهيون عن مجاراة الكفار ومبادلتهم السباب والشتم والقبائح، سدا لذرائع الفساد، ومنعا من الوقوع في المفسدة، وإن كانت هناك مصلحة مرتجاة، وقصد ثواب، فذلك مرجوح وقليل أمام الجرم الأعظم وهو سب الله، والمفسدة الأغلب. وفي هذا تهذيب أخلاقي، وسمو إيماني، وترفع عن مجاراة السفهاء الذين يجهلون الحقائق، وتخلو أفئدتهم من معرفة الله وتقديسه.
وحكم الآية-كما ذكر العلماء-باق في الأمة على كل حال، فمتى كان الكافر في منعة وغير خاضع لسلطان الإسلام والمسلمين، وخيف أن يسبّ الإسلام أو النّبي صلّى الله عليه وسلّم أو الله عز وجل، فلا يحل لمسلم أن يسبّ صلبانهم ولا دينهم