{مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ} جمع الضّمير في ملئهم لخمسة أوجه:
الأول-جمع الضمير على ما هو المعتاد في ضمير العظماء، فيقول الواحد منهم: نحن فعلنا، ومنه قوله:{قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}، وكان فرعون جبارا فأخبر عنه بفعل الجميع.
الثاني-جمع الضمير على أن المراد بفرعون آله، كما يقال: ربيعة ومضر، ويكون في الكلام حذف مضاف، تقديره: على خوف من آل فرعون.
الثالث-جمع لأنه ذو أصحاب يأتمرون به.
الرابع-أن جمع الضمير يعود على الذّرية التي تقدم ذكرها.
الخامس-أنه يعود على القوم الذين تقدم ذكرهم.
{أَنْ يَفْتِنَهُمْ} بدل مجرور من {فِرْعَوْنَ} بدل اشتمال.
{ذُرِّيَّةٌ} طائفة من شبّانهم، والذّرية في أصل اللغة: صغار الأولاد، وتستعمل عرفا في الصّغار والكبار. {عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِمْ} أي مع خوف منهم، والضّمير لفرعون {أَنْ يَفْتِنَهُمْ} الفتنة في اللغة: الاختبار والابتلاء بالشّدائد، والمراد هنا التّعذيب، أي أن يعذّبهم فرعون ويصرفهم بالتّعذيب عن دينهم. وإفراده بالضّمير للدّلالة على أن الخوف من الملأ كان بسببه. {إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ} متكبّر قوي فتّاك. {فِي الْأَرْضِ} أرض مصر. {وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} المتجاوزين الحدّ بادّعاء الرّبوبية واسترقاق أسباط الأنبياء.
{فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا} فثقوا به واعتمدوا عليه. {إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} مستسلمين لقضاء الله، مخلصين له، مذعنين لأمره. {فَقالُوا: عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا} لأنهم كانوا مؤمنين مخلصين. {رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً} موضع فتنة. {لِلْقَوْمِ الظّالِمِينَ} أي لا تظهرهم علينا، فيظنّوا أنهم على الحقّ فيفتتنوا بنا، أولا تسلّطهم علينا فيفتنونا. {وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ} أي من كيدهم