الشاكرين بالزيادة، والجاحدين بالعذاب، وبأن الكفران لا يضرّ إلا أهله.
ويحتمل أن يكون المذكور هنا من تتمة كلام موسى وخطابا منه لقومه، ليخوفهم بمثل هلاك من تقدم، وهذا رأي ابن جرير، ويحتمل أن يكون ذلك خطابا جديدا مستأنفا من الله لقوم موسى وغيرهم، لتذكيرهم أمر القرون الأولى.
والمقصود إنما هو العبرة بأحوال المتقدمين، وهذا حاصل على التقديرين.
إلا أن الأكثرين ذهبوا إلى أنه ابتداء مخاطبة لقوم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهذا قول الرازي، وقال ابن كثير: والظاهر أنه خبر مستأنف من الله تعالى لهذه الأمة، فإنه قد قيل: إن قصة عاد وثمود ليست في التوراة، فلو كان هذا من كلام موسى لقومه، وقصصه عليهم، لا شك أن تكون هاتان القصتان في التوراة (١).
التفسير والبيان:
ألم يأتكم خبر أقوام من قبلكم: وهم قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم من الأمم المكذبة للرسل، مما لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل. وضمير الخطاب في {يَأْتِكُمْ} لأمة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وضمائر: جاءتهم رسلهم، فردوا أيديهم في أفواههم للكفار.
جاءت هؤلاء رسلهم بالمعجزات والحجج والدلائل الواضحة الباهرة القاطعة، التي تثبت صدقهم ودعواهم الرسالة عن الله، لإخراجهم من ظلمات الكفر والجهالة إلى نور الإيمان والهداية.
{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ} أي إلا أن هؤلاء القوم عضوا أناملهم من شدة الغيظ، لما جاءهم به الرسل، أي اغتاظوا منهم وعادوهم ونفروا منهم، كما فعل العرب مع النبي صلّى الله عليه وسلّم بدليل قوله سبحانه:{عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ،}