{كَذلِكَ يُوحِي} استعمل الفعل المضارع في حقيقته بالنسبة لما ينزل من القرآن، وفي مجازه بالنسبة لما أنزل من الكتب السابقة وما أنزل من القرآن. وهذا تشبيه للمشبه، والمشبه به هذه السورة.
المفردات اللغوية:
{حم عسق} تقرأ هكذا بأسمائها: حا، ميم، عين، سين، قاف بإدغام السين في القاف، وقد انفردت هذه السورة بآيتين من الحروف، لعلهما اسمان للسورة. وهذه الحروف المقطعة كما تقدم للتنبيه على إعجاز القرآن، ولفت النظر إلى ما تشتمل عليه السورة من عظائم الأمور {كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ} أي مثل ذلك الإيحاء إلى الأنبياء السابقين من الكتب الإلهية {يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ} أي مثل ذلك الإيحاء إلى الأنبياء السابقين من الكتب الإلهية يوحي الله إليك أيها الرسول، كما أوحي إلى من قبلك الأنبياء. وإنما ذكر الإيحاء بلفظ المضارع:
{يُوحِي} لحكاية الحال الماضية للدلالة على استمرار الوحي، وكون إيحاء مثله عادة الله.
{الْعَزِيزُ} أي القوي الغالب في ملكه {الْحَكِيمُ} في صنعه، وهما صفتان.
{لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} ملكا وخلقا وعبيدا {وَهُوَ الْعَلِيُّ} المتعالي فوق خلقه {الْعَظِيمُ} المتفرد بالكبرياء والعظمة {يَتَفَطَّرْنَ} يتشققن والفطور: الشقوق، وقرئ «ينفطرن» وقرئ «يتفطّرنّ». {مِنْ فَوْقِهِنَّ} أي تكاد السموات يتشققن من هيبة وعظمة الله وجلاله، الذي هو فوقهن بالألوهية والقدرة، أو يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية بسبب وجود العرش والكرسي وصفوف الملائكة {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي والملائكة يلازمون ويداومون خضوعا لعظمة الله على عبادته وتنزيهه عما لا يليق به، وتحميده وشكره على نعمه {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} أي للمؤمنين فهي عموم يراد به الخصوص، بدليل آية أخرى:
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} شركاء وأندادا وهم الأصنام {حَفِيظٌ} رقيب على أحوالهم وأعمالهم، محص لها، فيجازيهم عليها {وَما أَنْتَ} يا محمد {بِوَكِيلٍ} بموكل بهم تحصل المطلوب منهم وهو هدايتهم، فما عليك إلا البلاغ فقط.
التفسير والبيان:
{حم، عسق} هذه الحروف الهجائية السبعة المفصولة بمقطعين أو آيتين مما اختصت به هذه السورة، والمعروف ألا يفصل بين هذه الحروف، مثل