وكان ذلك في مبدأ الأمر، ثم جعل الله لهن سبيلا: الجلد والرجم. أخرج ابن جرير الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى:{وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ} إلى قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك:{الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور ٢/ ٢٤] فإن كانا محصنين رجما، فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما.
وأخرج مسلم وأصحاب السنن عن عبادة بن الصامت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولفظه:
«خذوا عني، خذوا عني؛ قد جعل الله لهن سبيلا؛ البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة؛ والثيب بالثيب جلد مائة والرجم».
واستقر رأي العلماء على أن الشطر الأخير من حديث عبادة منسوخ، وأن السبيل الذي جعل للثيب هو الرجم دون الجلد، لصحة الخبر
عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه رجم ولم يجلد، فاستدلوا بما صح من فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم على قوله في حديث عبادة.
عقوبة الزناة:
معنى الآية: الرجلان الزانيان اللذان يأتيان الفاحشة، وهذا قول مجاهد، أو الرجل والمرأة البكران اللذان يأتيان الفاحشة، وهذا قول السدي وابن زيد، فآذوهما بالقول وعيروهما ووبخوهما على فعلهما إذا لم يتوبا، فإن تابا وأصلحا عملهما وغيّرا أحوالهما، ورجعا عن فعل الفاحشة وندما، فاتركوا إيذاءهما، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. ثم علل الأمر بالإعراض عنهما بقوله: إن الله كان توابا على عباده، رحيما بهم. وليس المراد بالإعراض: الهجر، ولكن المتاركة احتقارا لهم بسبب المعصية المتقدمة.
والخطاب هنا لأولي الأمر الحكام، والآية اشتملت على حكم الزانيات