للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأدلة الحنفية والمالكية على أن المسكين أسوأ حالا من الفقير هي: أنه تعالى وصفه بقوله: {أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ} [البلد ١٦/ ٩٠] أي ألصق جلده بالتراب لمواراة جسده، مما يدل على شدة حاجته؛ وأن بعض أهل اللغة كالأصمعي وابن السّكّيت قالوا: المسكين: الذي لا شيء له، والفقير: هو الذي له بعض ما يكفيه؛ وأن المسكين: هو الذي يسكن حيث يحل، مما يدل على نهاية الضرر والبؤس.

والظاهر أن المنقول في اللغة متعارض، فيعذر الفريقان فيما ذهبا إليه، وهما متفقان على أنهما صنفان. وروي عن أبي يوسف ومحمد: أنهما صنف واحد.

وفائدة الخلاف: تظهر فيمن أوصى بثلث ماله لفلان وللفقراء والمساكين؛ فمن قال: هما صنف واحد قال: يكون لفلان نصف الثلث وللفقراء والمساكين النصف الآخر، ومن جعلهما صنفين قسم الثلث بينهم أثلاثا.

حدّ الفقر الذي يجوز معه الأخذ:

أجمع العلماء على أن من له دار وخادم لا يستغني عنهما: أن له أن يأخذ من الزكاة، وللمعطي أن يعطيه. واختلفوا فيما عدا ذلك.

فقال أبو حنيفة: من معه عشرون دينارا أو مائتا درهم (نصاب الزكاة) فلا يأخذ من الزكاة. فاعتبر النصاب،

لقوله عليه الصلاة والسّلام فيما رواه الجماعة عن معاذ: «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، وأردّها في فقرائكم».

وقال أحمد والثوري وإسحاق وغيرهم: لا يأخذ من له خمسون درهما أو قدرها من الذهب، ولا يعطى منها أكثر من خمسين درهما إلا أن يكون غارما؛ لما رواه الدارقطني عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم قال: «لا تحل الصدقة لرجل له خمسون درهما» لكن في إسناده ضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>