{إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ، لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً، وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ} أي إننا لما تجاوز الماء حده وارتفع بإذن الله، وجاء الطوفان في زمن نوح عليه السلام، حملنا آباءكم المؤمنين وأنتم في أصلابهم، في السفينة التي تجري في الماء، لينجوا من الغرق، ولنجعل نجاة المؤمنين، وإغراق الكافرين عبرة وعظة، تستدلون بها على عظيم قدرة الله، وبديع صنعه، وشدة انتقامه، ولتفهمها وتحفظها بعد سماعها أذن حافظة لما سمعت. فقوله:{لِنَجْعَلَها} ..
{وَتَعِيَها} عائد إلى الواقعة المعلومة وهي نجاة المؤمنين وإغراق الكفرة.
روى ابن أبي حاتم وابن جرير عن مكحول مرسلا قال: لما نزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: {وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ} قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «سألت ربي أن يجعلها أذن علي» قال مكحول: فكان علي يقول: ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئا قط، فنسيته. وأما خبر بريدة في أن الآية نزلت بسبب علي رضي الله عنه فهو غير صحيح.
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات ما يلي:
١ - تفخيم شأن القيامة، وتعظيم أمرها، والتخويف من أهوالها، ولا شك أنها تفزع الناس بالأفزاع والأهوال، والسماء بالانشقاق، والأرض بالدكّ، والنجوم بالطمس إلى غير ذلك.
٢ - وجوب الاتعاظ والاعتبار بمصير الأمم السابقة التي كذبت رسلها، وقد ذكرت الآيات هنا ثلاث قصص: قصة عاد وثمود الذين كذبوا بالقارعة وهي القيامة التي تقرع الناس بأهوالها، وقصة فرعون ومن تقدمه وقوم لوط، وقصة نوح عليه السلام مع قومه.