{وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ}{ما}: مصدرية في موضع نصب بالعطف على الكاف والميم في الفعل المتقدم، وهي مع الفعل مصدر، تقديره: خلقكم وعملكم. ويجوز أن تكون {ما} استفهامية في موضع نصب ب {تَعْمَلُونَ} على التحقير لعملهم والتصغير له، والوجه الأول أظهر.
البلاغة:
{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ، إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}{سَقِيمٌ}{الْجَحِيمِ}{حَلِيمٍ} بينها ما يسمى بمراعاة الفواصل من المحسنات البديعية، زيادة في الروعة والجمال.
{إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} في {جاءَ} استعارة تبعية، شبه إقباله على ربه مخلصا بمن قدم على الملك بهدية ثمينة، ففاز بالرضى والقبول.
{اِبْنُوا لَهُ بُنْياناً} بينهما جناس اشتقاق.
المفردات اللغوية:
{شِيعَتِهِ} ممن سار على دينه ومنهاجه في الإيمان وأصول الشريعة، قال البيضاوي:
«ولا يبعد اتفاق شرعهما في الفروع أو غالبا، وكان بينهما ألفان وست مائة وأربعون سنة (٢٦٤٠) وكان بينهما نبيّان: هود وصالح صلوات الله عليهم». وأصل كلمة الشيعة: أتباع الرجل وأنصاره، وكل قوم اجتمعوا على أمر، فهم متشيعون له، ثم صارت بعد موت سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه تطلق على جماعة خاصة في مواجهة أهل السنة.
{إِذْ جاءَ رَبَّهُ} أي اذكر، فهو متعلق بمحذوف، وحقيقة المجيء بالشيء: نقله من مكانه، والمراد هنا الإقبال على الله سليم القلب مخلصا {بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} من الشك وغيره، الناصح لله في خلقه، السالم من جميع العلل والآفات النفسية كالرياء وغيره من النيات السيئة {إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ} موبخا، وهو في هذه الحالة السليمة و {إِذْ} بدل من إذ الأولى أو ظرف لجاء. {ماذا تَعْبُدُونَ} ما الذي تعبدون؟.
{أَإِفْكاً} الإفك: أسوأ الكذب {آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ} أي أتريدون آلهة من دون الله للإفك، أي أتعبدون غير الله؟ {فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ} إذا لقيتموه، وقد عبدتم غيره، وما ترون يصنع بكم؟ والمعنى: إنكار ما يوجب ظنا، فضلا عن قطع (أي يقين) يصدّ عن عبادته، وهو كالحجة على ما قبله.
{فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ} أوهمهم أنه يعتمد على النجوم، حين سألوه أن يعبد معهم {فَقالَ: إِنِّي سَقِيمٌ} مريض عليل، أراد أن يتخلف عنهم في خروجهم من الغد يوم عيد لهم،