{وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ.}. أي إن ما وقع بهم من العذاب لم يكن بظلم من الله؛ لأنه تعالى أعذر إليهم، وأقام حججه عليهم، بإرسال رسله وإنزال كتبه، ولكن ظلموا أنفسهم بمخالفة الرسل والتكذيب بما جاؤوا به، فعقبوا، وجوزوا بسوء عملهم، وأحاط بهم من العذاب الأليم ما كانوا به يستهزئون، أي يسخرون من الرسل حين توعدوهم بعقاب الله.
فيقال لهم يوم القيامة:{هذِهِ النّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ}[الطور ١٤/ ٥٢].
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه الآيات جواب عن الشبهة الثانية لمنكري النبوة الذين طلبوا إنزال ملك من السماء يشهد على صدق محمد في ادعاء النبوة.
والجواب يدل على إصرارهم على الكفر وتماديهم في الباطل وعزوفهم عن الحق، فهم ما ينتظرون إلا أحد مرين: أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم وهم ظالمون لأنفسهم، أو يأتي أمر الله بالعذاب من القتل كيوم بدر، أو الزلزلة والخسف في الدنيا. وقيل: المراد يوم القيامة.
والواقع أن القوم لم ينتظروا هذه الأشياء؛ لأنهم ما آمنوا بها، فاستحقوا العقاب، وكانت عاقبتهم العذاب.
ولما أصروا على الكفر، أتاهم أمر الله فهلكوا، وما ظلمهم الله بتعذيبهم وإهلاكهم، كما فعل بأسلافهم، ولكن ظلموا أنفسهم بالشرك.
لقد فعل الذين من قبلهم مثلما فعلوا، فأصابهم سيئات ما عملوا، وما ظلمهم الله، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، فأصابهم عقوبات كفرهم، وجزاء خبيث أعمالهم، وعقاب استهزائهم.