لا أبا لك، أما كان موسى راعيا، أما كان داود راعيا؟ فلما ذهب، قال عليه الصلاة والسّلام: احذروا هذا وأصحابه فإنهم منافقون.
ثم وصفهم الله تعالى بأن رضاهم وسخطهم لأنفسهم، لا للدين، وما فيه صلاح أهله؛ لأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم استعطف قلوب أهل مكة يومئذ بتوفير الغنائم عليهم، فضجر المنافقون منه. فقال تعالى:{فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا.}. أي إن أعطوا من الزكاة أو من الغنائم ولو بغير حق رضوا، وإن لم يعطوا منها فاجؤوك بالسخط، وإن لم يستحقوا العطاء، فهم إنما يغضبون لأنفسهم ولمنافعهم، لا للمصلحة العامة، فليس طعنهم أو نقدهم بريئا، ولكن لهدف خاص.
ولو أنهم رضوا ما أعطاهم الرسول من الغنائم وطابت به نفوسهم، وإن قلّ نصيبهم، وقالوا: كفانا فضل الله وصنعه، وحسبنا ما أصبناه، وسيرزقنا الله غنيمة أخرى، فيؤتينا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أكثر مما آتانا اليوم، إنّا إلى الله في أن يمنحننا من فضله لراغبون، لا نرغب إلى غيره أبدا.
وقد تضمنت هذه الآية أدبا عظيما حيث إنها ترشدهم وتعلمهم الرضا بما آتاه الله ورسوله، والتوكل على الله وحده، وهو قوله:{وَقالُوا: حَسْبُنَا اللهُ}.
والمقصود إنما هو التعليم بأن يرضوا بنعمة الله، وبقسمة الرسول، فهو لا يفعل إلا العدل وما فيه المصلحة العامة للإسلام وأهله، وما على المؤمن إلا أن يرضى بما قسمه الله له، ولا يطمع بأكثر من ذلك.
فقه الحياة أو الأحكام:
يستفاد من الآيات ما يلي:
١ - إن من أخلاق المنافقين الحلف بأنهم مؤمنون، والإقدام على الأيمان