{أَتَوْا} بما فعلوا في إضلال الناس. {أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا} أن يحمدهم الناس بما لم يفعلوا من التمسك بالحق، وهم على ضلال. {فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ} تأكيد. {بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ} أي بمنجاة من العذاب في الآخرة، بل هم في مكان يعذبون فيه وهو جهنم. {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} مؤلم فيها.
سبب النزول:
نزول الآية (١٨٨):
{لا تَحْسَبَنَّ}: روى الشيخان وغيرهما من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف: أن مروان قال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كل امرئ منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذّبا، لنعذبن أجمعون، فقال ابن عباس: ما لكم وهذه؟ إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب، سألهم النبي صلّى الله عليه وسلّم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فخرجوا قد أروه أنهم قد أخبروه بما سألهم عنه، واستحمدوا بذلك إليه، وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه.
وأخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري: أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الغزو، تخلفوا عنه، وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله، فإذا قدم اعتذروا إليه، وحلفوا وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا، فنزلت الآية:{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا} الآية.
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره عن زيد بن أسلم أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند مروان، فقال مروان: يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية:
{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا}؟ قال رافع: نزلت في ناس من المنافقين كانوا إذا خرج النبي صلّى الله عليه وسلّم اعتذروا وقالوا: ما حسبنا عنكم إلا شغل، فلوددنا أنا معكم، فأنزل الله فيهم هذه الآية، وكان مروان أنكر ذلك، فجزع رافع من ذلك، فقال