للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناسبة:

في هذه الآيات شبهتان، أما آيات {وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا.}. فهي الشبهة الثالثة لمنكري النبوة بعد إيراد الشبهتين المتقدمتين، وتقريرها: أنهم تمسكوا بصحة القول بالجبر على الطعن في النبوة، فقالوا: لو شاء الله الإيمان لحصل الإيمان، سواء جئت أو لم تجئ، ولو شاء الله الكفر، فإنه يحصل الكفر، سواء جئت أو لم تجئ، وإذا كان الأمر كذلك، فالكل من الله، ولا فائدة في مجيئك وإرسالك، فكان القول بالنبوة باطلا.

وأما آيات: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ.}. فهي الشبهة الرابعة لمنكري النبوة، ومفادها أنهم قالوا: الاعتقاد بالبعث والحشر والنشر باطل، فكان القول بالنبوة باطلا من وجهين:

الأول-أن محمدا كان داعيا إلى التصديق بالمعاد، فإذا بطل ذلك، ثبت أنه كان داعيا إلى القول الباطل، فهو ليس رسولا صادقا.

الثاني-أنه يقرر نبوة نفسه ووجوب طاعته، بناء على الترغيب في الثواب والترهيب من العقاب، وإذا بطل ذلك، بطلت نبوته.

ورد الله عليهم مقالهم كله بأنه كلام قد سبق بمثله المكذبون من الأمم القديمة، وما على الرسل إلا التبليغ، وليس عليهم الهداية، والله تعالى لا يجبر أحدا على الهداية أو الضلالة، وإنما يختار الإنسان لنفسه ما يريد، والله سبحانه خلق للناس قدرة الاختيار بقوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} فلا يصح الاحتجاج بمشيئته تعالى، بعد أن خلق لهم من الاختيار ما يكفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>