{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} دعني واتركني وحدي وإياه، فإني أكفيكه. {مَمْدُوداً} مبسوطا كثيرا، فقد كان للوليد الزرع والضرع والتجارة. {شُهُوداً} حضورا معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم ولقائهم، لا يحتاجون إلى سفر لطلب المعاش، استغناء بنعمته، ويشهدون المحافل وتسمع شهادتهم. قيل: كان له عشرة بنين أو أكثر، كلهم رجال، فأسلم منهم ثلاثة: خالد وعمار وهشام.
{وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً} بسطت له الرياسة والجاه العريض، حتى لقب: ريحانة قريش، والوحيد، أي باستحقاق الرياسة والتقدّم.
{ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ} يطمع في الزيادة على ما أوتيه. {كَلاّ} كلمة ردع وزجر، أي لا أزيده على ذلك. {عَنِيداً} معاندا لها ومكابرا. {سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} سأكلفه وأحمله عذابا شاقا صعبا لا يطاق، وهو مثل لما يلقى من الشدائد. {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} تعليل للوعيد، أي تأمل في القرآن، وهيأ الأمر في نفسه. {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} تعجب من تقديره استهزاء به، أي لعنه الله كيف توصل إلى ما تريد قريش. {ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} تكرير للمبالغة، و {ثُمَّ} للدلالة على أن الثانية أبلغ من الأولى. {ثُمَّ نَظَرَ} في وجوه قومه أو فيما يقدح به فيه.
{ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ}{عَبَسَ} قطّب جبهته بين الحاجبين، {وَبَسَرَ} كلح وجهه وتغير، فهو أشد من العبوس. {ثُمَّ أَدْبَرَ} عن الإيمان. {وَاسْتَكْبَرَ} تكبر عن اتباع النبي صلّى الله عليه وسلّم {فَقالَ} الفاء للدلالة على سرعة الحكم من غير تفكر. {إِنْ هذا} أي ما هذا القرآن. {إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ} أي يروى ويتعلم. {إِنْ هذا إِلاّ قَوْلُ الْبَشَرِ} كالتأكيد للجملة الأولى، أي {إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ}.
{سَأُصْلِيهِ} أدخله. {سَقَرُ} جهنم. {وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ} تعظيم لشأنها. {لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ} أي لا تبقى على شيء يلقى فيها، ولا تدعه حتى تهلكه. {لَوّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} تلوح وتظهر لأنظار الناس من مسافات بعيدة لعظمها وهولها، أو مسوّدة لأعالي الجلد، والبشر على هذا جمع بشرة: وهي ظاهر الجلد.
سبب النزول:
نزول الآية (١١):
{ذَرْنِي.}. أخرج الحاكم وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقرأ عليه القرآن، فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه، فقال: يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا