لم لا تؤمنون بالقرآن يا بني إسرائيل، والقرآن كالتوراة أنزله الله على رسوله محمد صلّى الله عليه وآله وسلم، وهو متّصف بثلاث صفات:
الصفة الأولى:
أنه يرشد للسبيل التي هي أقوم، فهو يهدي لأقوم الطرق وأوضح السّبل، وإلى الطريقة المثلى التي هي الدّين القيّم، والملّة الحنيفية السمحة التي تقوم على أساس التوحيد الخالص لله، وأنه الفرد الصمد، صاحب الملك، والعزّة والجبروت، المعزّ المذلّ الّذي يحيى ويميت، وتدعو إلى فضائل الأعمال، وإلى خيري الدّنيا والآخرة. فقوله تعالى:{لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} معناه: الطريقة التي هي أسدّ وأعدل وأصوب.
الصفة الثانية:
أنه يبشّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا يوم القيامة، جزاء عملهم.
الصفة الثالثة:
أنه ينذر الذين لا يصدقون بوجود الله ووحدانيته، ولا بالمعاد والثواب والعقاب، ولا يعملون الخير بأن لهم عذاب جهنم، جزاء ما قدمت أنفسهم.
والمعنى أنه تعالى بشّر المؤمنين بنوعين من البشارة بثوابهم وبعقاب أعدائهم، وإطلاق البشارة على البشارة بالعذاب من قبيل التهكّم، كما في قوله تعالى:
{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}[ال عمران: ٢١/ ٣]، أو من إطلاق اسم الشيء على ضدّه، كقوله تعالى:{وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها}[الشورى: ٤٠/ ٤٢].