للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلا تَتَّبِعانِّ} بالتّشديد، أي أنه نهى بعد أمر. ومن قرأ بتخفيف النون، كان في موضع نصب على الحال، أي استقيما غير متبعين، فتكون لا نافية، لا ناهية.

البلاغة:

{رَبَّنَا اطْمِسْ} أمر أريد به الدّعاء بما علم من ممارسة أحوالهم أنه لا يكون غيره، كقولك:

لعن الله إبليس، وتكرار {رَبَّنا لِيُضِلُّوا} للتّأكيد والتّنبيه على أن المقصود عرض ضلالاتهم وكفرانهم، تقدمة لقوله تعالى: {رَبَّنَا اطْمِسْ}.

{وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ} استعارة لتغليظ‍ العقاب ومضاعفته.

{فَلا يُؤْمِنُوا} جواب للدّعاء، أو دعاء بلفظ‍ النّهي، أو عطف على: {لِيُضِلُّوا} وما بينهما دعاء معترض.

المفردات اللغوية:

{زِينَةً} ما يتزيّن به من الملابس والمراكب ونحوهما، وأصل الزينة في اللغة: ما يتزين به من الحلي واللباس والأثاث والأموال والصحة ونحوها. {لِيُضِلُّوا} في عاقبته، واللام لام العاقبة أي الصيرورة. {عَنْ سَبِيلِكَ} دينك. {اِطْمِسْ} أي أهلكها وأزلها، والطّمس: المحق وإزالة الأثر. {وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ} أي وأقسها واطبع عليها واستوثق حتى لا يدخلها الإيمان. فقوله تعالى: {رَبَّنا لِيُضِلُّوا}، وقوله تعالى: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ} دعاء بلفظ‍ الأمر. وقوله تعالى: {فَلا يُؤْمِنُوا} جواب للدّعاء أو دعاء بلفظ‍ النّهي، أو عطف على {لِيُضِلُّوا} وما بينهما دعاء معترض. {الْأَلِيمَ} المؤلم.

{قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما} أي موسى وهارون، روي أن موسى كان يدعو، وهارون يؤمّن.

{فَاسْتَقِيما} فاثبتا على ما أنتما عليه من الدّعوة وإلزام الحجة، ولا تستعجلا، فإن ما طلبتما كائن، ولكن في وقته، روي أنه مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة. {سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} طريق الجهلة في الاستعجال، أو عدم الوثوق والاطمئنان بوعد الله تعالى.

المناسبة:

لما بالغ موسى في إظهار المعجزات القاهرة الدّالة على نبوّته، ورأى القوم:

فرعون وملأه مصرّين على الجحود والعناد والإنكار، دعا عليهم بعد أن ذكر سبب

<<  <  ج: ص:  >  >>