ثم أكّد تعالى رفض قبول الفداء منه واستبعاده قائلا:
{كَلاّ إِنَّها لَظى نَزّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلّى وَجَمَعَ فَأَوْعى} أي لا يقبل الفداء من المجرم ولو افتدى بأهل الأرض وبمال الدنيا جميعا إنها جهنم الشديدة الحر مأواه كما قال تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظّى}[الليل ١٤/ ٩٢] والتي تنزع اللحم عن العظم حتى لا تترك فيه شيئا وتنزع جلدة الرأس وجلد أطراف اليدين والرجلين ولحم الساقين ثم يعود كما كان وتنادي جهنم كل من أدبر عن الحق والإيمان في الدنيا وتولى عنه وجمع المال فجعله في وعاء فلم ينفق منه شيئا في سبيل الخير ومنع حق الله فيه من الواجب عليه من النفقات وإخراج الزكاة. قال الحسن البصري: يا ابن آدم سمعت وعيد الله ثم أوعيت الدنيا.
وكلمة {كَلاّ} ردع للمجرم عن تلك الأمنية وبيان امتناع قبول الفداء منه وضمير {إِنَّها} للنار ولم يجر لها ذكر؛ لأن العذاب دلّ عليها ويجوز أن يكون ضميرا مبهما ترجم عنه الخبر أو ضمير القصة أي إن القصة. والدعاء على حقيقته كما روي عن ابن عباس أو هو مجاز حيث شبه تهيؤ جهنم وظهورها للمكذبين بالدعاء والطلب لهم فهو مجاز عن إحضارهم كأنها تدعوهم فتحضرهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
١ - طلب كفار مكة تعجيل العذاب الموعود به استهزاء وتعنّتا والعذاب من الله صاحب معارج السماء أو معارج الملائكة واقع حتما بالكفار في الآخرة لا يدفعه عنهم أحد.
٢ - تصعد الملائكة وجبريل في المعارج التي جعلها الله لهم إلى المكان الذي هو محلهم وهو في السماء؛ لأنها محل برّه وكرامته فليس المراد من قوله {إِلَيْهِ} المكان بل المراد انتهاء الأمور إلى مراده وهو موضع العزّ والكرامة. وعروج