للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة. وهذا هو الرأي الأصح في تقديري وهو قول الأكثرين كما تقدم وقيل: المراد باليوم هو يوم القيامة الموصوف بأنه بمقدار خمسين ألف سنة تهويلا وتخويفا للكفار. قال ابن عباس: هو يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ثم يدخلون النار للاستقرار.

قال القرطبي عن قول ابن عباس: وهذا القول أحسن ما قيل في الآية إن شاء الله بدليل

حديث أبي سعيد الخدري المتقدم وحديث أبي هريرة فيما رواه البخاري ومسلم والموطأ وأبو داود والنسائي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ما من رجل لم يؤدّ زكاة ماله إلا جعل شجاعا (١) من نار تكوى به جبهته وظهره وجنباه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس» فهذا يدل على أنه يوم القيامة (٢).

وهذا كما تقدم بالنسبة للكافر وأما بالنسبة للمؤمن فيكون يوم الحساب في القيامة بمقدار ما بين الصلاتين كما ثبت في الحديث الصحيح.

٣ - أمر الله نبيّه بالصبر الجميل على أذى قومه الذين يرون العذاب بالنار بعيدا أي غير كائن وهو في تقدير الله قريب الحصول؛ لأن ما هو آت فهو قريب. والصبر الجميل: هو الذي لا جزع فيه ولا شكوى لغير الله.

٤ - ذكرت الآيات أوصافا أربعة: هي صيرورة السماء كدرديّ الزيت وعكره أو كالمذاب من المعادن من الرصاص والنّحاس والفضة وجعل الجبال كالصوف المنفوش أو المصبوغ ولا يسأل قريب قريبه عن شأنه لشغل كل إنسان بنفسه مع أن الرجل يرى أباه وأخاه وقرابته وعشيرته ولا يسأله ولا يكلمه لاشتغالهم بأنفسهم ويتمنى الكافر أن يفتدي من عذاب جهنم بأعزّ من كان عليه


(١) الشجاع: الحية الذكر.
(٢) تفسير القرطبي: ٢٨٢/ ١٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>