والهاء والميم في {تَحِيَّتُهُمْ} إما تأويل فاعل، أضيف المصدر إليه، أي يحيي بعضهم بعضا بالسلام، وإما في موضع مفعول لم يسم فاعله (نائب فاعل) أي يحيّون بالسلام، على معنى:
{وَبَرَزُوا} أي الخلائق، أي ظهروا بالبراز: وهي الأرض المتسعة، أي مجتمع الناس في ذلك اليوم، ومنه امرأة برزة أي تظهر للرجال، والتعبير فيه وفيما بعده بالماضي لتحقق وقوعه.
{الضُّعَفاءُ} الأتباع، أي ضعاف الرأي والفكر. {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} المتبوعين، وهم الرؤساء الأقوياء الذين استنفروهم. {تَبَعاً} جمع تابع. {مُغْنُونَ} دافعون. {مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ} من الأولى: للتبيين، والثانية: للتبعيض. {لَهَدَيْناكُمْ} لدعوناكم إلى الهدى. {ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ} من: زائدة، ومحيص: ملجأ ومنجى ومهرب.
{الشَّيْطانُ} إبليس. {لَمّا قُضِيَ الْأَمْرُ} لما أحكم وفرغ منه، ودخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار. {إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} وعدا من حقه أن ينجز، أو وعدا أنجزه، وهو الوعد بالبعث والجزاء، فصدقكم الوعد. {وَوَعَدْتُكُمْ} وعد الباطل وهو ألا بعث ولا حساب.
{فَأَخْلَفْتُكُمْ} قدر إبليس تبين خلف وعده كالإخلاف منه. {مِنْ سُلْطانٍ} من: زائدة، والسلطان: القوة والقدرة والتسلط، فألجئكم على الكفر والمعاصي، واقهركم على متابعتي. {إِلاّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ} لكن. {فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} أسرعتم إجابتي. {وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} على إجابتي وإطاعتي، ولم تطيعوا ربكم لما دعاكم.
{بِمُصْرِخِكُمْ} بمغيثكم، والمستصرخ: المستغيث. {بِما أَشْرَكْتُمُونِ} بإشراككم إياي مع الله.
{مِنْ قَبْلُ} في الدنيا. {إِنَّ الظّالِمِينَ} الكافرين، وهو قول الله تعالى. {لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ} مؤلم. {تَحِيَّتُهُمْ فِيها} من الله ومن الملائكة وفيما بينهم.
المناسبة:
بعد أن ذكر الله تعالى ألوان عذاب الكفار في الآخرة، ثم ذكر عقيبه أن أعمالهم تصير محبطة باطلة، ذكر هنا مدى خجلهم أمام أتباعهم وافتضاحهم