{قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ} صيغة مبالغة أي قائمين بالعدل على أتم وجه {شُهَداءَ لِلّهِ} أي شاهدين بالحق لوجه الله وحده {وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ} ولو كانت الشهادة على أنفسكم، فاشهدوا بالحق عليها، بأن تقروا به ولا تكتموه {فَاللهُ أَوْلى بِهِما} منكم وأعلم بمصالحهما {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى} في شهادتكم بأن تحابوا الغني لرضاه، أو الفقير رحمة به. {أَنْ تَعْدِلُوا} أن لا تعدلوا أي تميلوا عن الحق {وَإِنْ تَلْوُوا} تحرفوا ألسنتكم بالشهادة. وفي قراءة بحذف الواو الأولى تخفيفا {أَوْ تُعْرِضُوا} عن أدائها أي لا تؤدوها {فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً} فيجازيكم به.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: لما نزلت هذه الآية في النبي صلّى الله عليه وسلّم اختصم إليه رجلان: غني وفقير، وكان صلّى الله عليه وسلّم مع الفقير، يرى أن الفقير لا يظلم الغني، فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير.
المناسبة:
هذا أمر عام بالقسط بين الناس، جاء عقب الأمر بالقسط في اليتامى والنساء في آية الاستفتاء؛ لأن قوام المجتمع لا يكون إلا بالعدل، وحفظ النظام ودوام الملك لا يتم إلا به، فالعدل أساس الملك الدائم.
التفسير والبيان:
يأمر الله تعالى عباده المؤمنين أن يقوموا بالعدل، فلا تأخذهم في الله لومة لائم، وأن يتعاونوا ويتعاضدوا فيه. يا أيها المؤمنون كونوا مبالغين بإقامة العدل، والعدل عام شامل الحكم بين الناس من الحكام، والعمل في أي مجال، وفي الأسرة، فيسوي الحاكم أو الوالي أو الموظف بين الناس في الأحكام والمجالس وقضاء