وأما اشتراط العدالة في الشهود، فلأن الله تعالى شرط العدالة في البيوع والرجعة، والزنا أعظم، وهو بذلك أولى. وهذا من حمل المطلق على المقيد بالدليل. ولا يصح كونهم من أهل الذمة، وإن كان الحكم على ذمية.
وهل يجتمع النفي مع الجلد؟
الذي عليه الجمهور أنه ينفى الزاني مع الجلد، لحديث عبادة المتقدم،
وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد، وحديث العسيف وفيه: فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد عليك، وجلد ابنه مائة وغرّبه عاما»(١).
وقال الحنفية: لا تغريب مع الجلد؛ لأن النص الذي في القرآن إنما هو الجلد، والزيادة على النص نسخ، فيلزم عليه نسخ النص القاطع بخبر الواحد.
وقد غرب عمر ربيعة بن أمية بن خلف في الخمر إلى خيبر، فلحق بهرقل فتنصر، فقال عمر: لا أغرّب مسلما بعد هذا. قالوا: ولو كان التغريب حدا لله تعالى ما تركه عمر بعد.
والجواب: قولهم: الزيادة على النص نسخ، ليس بمسلّم، بل زيادة حكم آخر مع الأصل، ثم إنهم زادوا الوضوء بالنبيذ بخبر لم يصح، على الماء. واشترطوا الفقر في ذوي القربى (وهم بنو هاشم وبنو المطلب) في إعطائهم من خمس الغنيمة في آية: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}[الأنفال ٤١/ ٨].
وأما حديث عمر وقوله:«لا أغرب بعده مسلما» فيعني في الخمر، لما
أخرجه الترمذي والنسائي عن ابن عمر:«أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ضرب وغرّب، وأن أبا بكر ضرب وغرّب، وأن عمر ضرب وغرّب».